Wednesday, June 20, 2012

العراق لا يحتاج إلى شخص وطني ولا تيار وطني

العراق ومنذ إستقلاله الأول عن الحكم العثماني ثم الثاني بإعلان الملكية ثم الثالث بإستقلالها عن التاج الملكي البريطاني ثم الأخير بالتحول من الملكية للجمهورية وطوال القرن المنصرم مر بعدة تغيرات في سلطة الحكم حيث أُجريت جميعها بإنقلابات دموية آخرها كان في ٢٠٠٣ حيث تم تغيير حكم الدكتاتور صدام حسين بإنقلاب عسكري خارجي بقيادة ولايات عائلة بوش الأمريكية الجمهورية المتحدة. خلال جميع هذه الإنقلابات كان محور البحث الأساس هو إيجاد القائد "الوطني" في ماعدا الإحتلال الأمريكي الأخير.

لكن ماهي مواصفات القائد الوطني في نظر المنقلبين ؟ (
من ضمن المنقلبين من قدِموا مع الإحتلال الأمريكي ,وهنا أصفهم بالًمُنقلبين لانهم إتفقوا مسبقاً على الإنقلاب بالحكم بطريقة عسكرية بواسطة قوة خارجية وهي الإحتلال الأمريكي - البريطاني)
البعض سيجيب قياسياً بما هو مطلوب الآن في وقتنا الحالي من قائد وطني وتتداخل في الأجوبة نُريد من يقدم مصلحة الوطن والمواطن على المصالح الإقليمية والتبعيات للدول الأُخرى ونريد من يوفر لنا الكهرباء والماء والعمل ويُعمر لنا البلد وخلافه من ما يحتاجه الشارع العراقي الآن. 
لكن الإجابات يجب ان تكون
منفردة وبحسب ظروف كل مرحلة من مراحل تناقل السلطة منذ الإستقلال الأول حتى 2003 لكي يتسنى لي ولكم معرفة التغير الذي حصل على تعريف الوطنية ضمن إطار ماحصل من مواقف وظروف في تلك الفترة.
وهنا سألخصها في 5 نقاط حيث كل نُقطة تمثل رئيس من رؤساء جمهورية العراق الخمسة منذ 1958 إلى 2003:

١- الوطنية في زمن عبد الكريم قاسم الذي تسلم الحكم بعد ثورة الجمهوريين على الملكية كانت تتلخص في من يُعطي الشعب من خيرات الوطن. بصورة كبيرة كانت لتحرير الاراضي الزراعية من أيادي الإقطاعيين ومنحها للشعب كي يفلح بها وينعم بما يبيعه من خيراتها. أي الوطنية حُددت في مافشلت فيه الملكية العراقية.


٢- الوطنية في زمن عبد السلام عارف هو من ينقذ الشعب من تفرد ضباط الثورة الجمهوريين وبطش الماركسيين الشيوعيين ومحاكمهم الصورية للناس وإيقاف حملات الإعدامات في الشوارع بالإضافة لإعادة العراق إلى الوطن العربي والدخول مجددا في الجامعة العربية والإتجاه للحركة القومية العربية. أي مافشل فيه عبد الكريم قاسم ومن تحالف معهم من ماركسيين وتيارات شيوعية أُخرى.


٣- الوطنية في فترة عبد الرحمن عارف هو من يقرب العراق من الوحدة مع مصر وسوريا بشكل أكبر بغض النظر عن الموقف الوحدوي في داخل العراق. أي تفضيل موضوع الوحدة العربية مع سوريا ومصر قبل حل مُشكلة الوحدة العراقية الإقليمية مع الكُرد والشيعة. وهذا ما قُتل بسببه عبد السلام عارف في حادث طائرته الشهيرة. وما أراد القوميين وحزب البعث إنجازه بسرعة.


٤- الوطني في فترة احمد حسن البكر هو ذلك الذي يتخذ إجرائات اكثر صرامة سياسياً ًوعسكرياًوإستخباراتياً وخصوصاً مسألتي حرب حزيران ١٩٦٧ وان يكون أقوى استخباراتياً بعد فضيحة منير روفا ١٩٦٦ في زمن عبد الرحمن عارف ومن يستطيع إدارة العراق اقتصادياً والنهوض بالمجتمع العراقي من الأمية والتشتت الى مصافي المجتمعات المتحضرة عن طريق إستخدام النفط كوسيلة لتدبير الاقتصاد وإدارة البلد بإستخدام الاشتراكية القومية كمنهج بدلاً من الديمقراطية النوعية التي تمثلت في حملة إستشارية لمعظم مكونات الشعب والتيارات السياسية التي إعتاد عبد الرحمن عارف على العمل بها. أي مافشل به عبد الرحمن عارف ومالم يُعجب حزب البعث بالتحديد.


٥- الوطنية في زمن صدام حسين تتشعب كثيراً بسبب طول فترة حكمه وتعدد الاحداث المهمة والتي غيرت من تاريخ وشكل ومنهجية المنطقة ففي بداية حكمه الوطني هو من يؤمن بمبادئ حزب البعث ومن يُسقط جميع الأحزاب والمنافسين على الساحة السياسية لمختلف الأسباب ثم أصبح الوطني من يتبع خطى الرئيس حرفياً ثم أضيفت لها معاداة إيران والمد الصفوي خلال وإبان وبعد الحرب العراقية الإيرانية مابين ١٩٨٠-١٩٨٨. ثم أُضيف للنهج الوطني الحق بالمطالبة بإعادة الكويت للعراق عن طريق ضمها كمحافظة أو قضاء تابع لمحافظة البصرة, ثم أصبح الوطني شخص يحمل كل الصفات التي سبقت ذلك بالإضافة لمعاداة كل ماهو غربي وعلى رأسهم النفور من الولايات المتحدة وبريطانيا التي لم يكن للعراق مشكلة معها حتى ١٩٩١. برائي الشخصي وبعيداً عن أي تحليل سياسي لمجريات ووقائع الاحداث ولكي أُلخص تعريف او معنى القائد الوطني أرى ان الوطنية في زمن صدام هو إستنساخ ما يؤمن به صدام حسين فقط والعمل بما يعمل به.


ماسبق كان تعريف ملخص لأهم مواصفات القائد الوطني إعتمدت فيه على ما مر في العراق من ظروف وبنظرة حيادية بعيدة عن أي تأثر سياسي أو فكر معين وليس تعبيراً إنشائياً مأخوذا من نصوص رنانة.


أما الوطنية عالمياً فهو حسب ما يُعرف به نصياً: هي فخر المواطن بالإنتماء للوطن وبثقافة الوطن وبكل شئ يُخرجه الوطن من ناتج بغض النظر عن كونه جيد أو سئ.


وتعريف الشخص الوطني هو ذلك الشخص الذي يربط وطنه بكل عمل يقوم به, وهُنا أقصد كل الامور البسيطة والمعقدة التي يُنتجها الإنسان.

من صفات شخصية المواطن الوطني أن يكون متشدداً ومتعصباً جداً لما يراه انه يعبر عن وطنه فلا يقبل بأن يُغير شي ما في إعتقاده انه سيُغير من إحدى صفات وطنه ويغير من وطنيته.

وأما تعريف الوطنية السياسية: هي فكر إدارة الدولة بإتجاه واحد يعتمد فيه على المحافظة على المجتمع الوطني وصد أي محاولات تغيير لمعطيات عمليتها السياسية بما فيها قوانينها البرلمانية وتشريعاتها المدنية والعسكرية.


إنتهيت من فقرة التعريفات وسأدخل بصوره مختصرة في بعض ما تُنادي به الوطنية أو بعض خصائصها التي طُبقت ولازالت تُطبق في زمننا الحاضر


الوطنية:

لاتؤمن بالتعدد العرقي
لاتمنح الجنسية لمن يولد من عرق آخر غير العرق الوطني للدولة
لاتُجنس من يقدم إليها مُهاجراً من غير دولة وغير مُجتمع ولاحتى من يولد من أبنائهم داخل الدولة
لاتتقبل ثقافات الأعراق الأُخرى ولاتسمح بإندماج ثقافات اخرى مع ثقافتها
لاتؤمن بديانة غير ديانة واحدة شاملة تابعة لجميع أبناء وطنها ولاتسمح بتعدد ديانات مجتمعها الوطني

بعض الأمثلة عن القادة السياسيين الوطنيين


ميشيل عفلق - فلسطيني عراقي
كمال اتاتورك - تركي
الملك غازي - عراقي
هو تشي مين - فيتنامي
جيم إل سونج - كوري
الملك محمد الخامس - مغربي
خوان بيرون - أرجنتيني
جمال عبد الناصر - مصري
أدولف هتلر - ألماني
بينيتو موسوليني - إيطالي
فرانسيسكو فرانكو - إسباني
ميكلوس هورثي - هنغاري
دانيال ملان جنوب - افريقي
ماكسميليانو مارتينيز  - سلفادوري
سلوبودان ميلوسوفيتش - صربي
انتي بافيليتش - كرواتي
خوان الفارادو - بيروفي
اجوستو بينوشي - تشيلي
رضا شاه - إيراني 
ياسر عرفات - فلسطيني
مله مصطفى برزاني - كردي
محمد مصدق - إيراني
أنطون سعادة - سوري لبناني
جلين بيك - أمريكي
مايكل سافاج - أمريكي
بات بيوتشنان - أمريكي
مائير دافيد كاهاني - إسرائيلي


الوطنية في بلداننا العربية تتداخل في كثير من نقاطها مع القومية إلا ان الوطنية في الحقيقة هي أكثر تشدداً من القومية من الناحية الإجتماعية لذلك لها أثر مخالف عن باقي العالم لان الوطنية أو القومية وحتى الإشتراكية وغيرها من التيارات السياسية تداخلت مع بعض في فترات التحول السياسي العربي أثناء مرور الدول العربية بفترات الإستقلال عن الإنتدابات والإحتلالات الأوربية لدول المنطقة العربية. أما في أوربا فإرتبطت الوطنية بالحركات التحررية من الملكية ولكنها قادت أوربا والعالم للدخول في حربين عالميتين لان الوطنية في أساسها تعتمد على الموروث التأريخي لشعب منطقة مُعينة فكُل ما كبُرت الوطنية في دولة كُل ماطالبت الدولة بالعودة إلى الخلف حتى تصل لأكبر إنتشار لها فتتوقف عنده وهذا ماحدث مع هتلر وموسوليني وفرانكو وغيرهم من الوطنيين الأوربيين.

بغض النظر عن كون الوطنية هي تيار سياسي ذو نظرة أُحادية لن ولا يصلُح لأن يُطبق في دولة ذات مجتمع تعددي عرقي او تعددي ديني او تعددي ثقافي بغض النظر عن كون ذلك المجتمع مجتمع حُر ديمُقراطي.

لذلك العراق لايحتاج لحاكم وطني لكون الوطنية في العراق لن تنفع مطلقاً لان المجتمع العراقي مجتمع متعدد الأعراق متعدد الديانات والطوائف متعدد الثقافات لايمكن فيه إحتكار عرق أو دين أو طائفة أو ثقافة واحدة على مجتمعة التعددي وإجبار باقي طبقات وفئات المجتمع عليها دون أن نعود لحكم دولة إضطهادية دكتاتورية أُحادية الجانب غير حُرة بلا تطور بلا نمو ولا ديمُقراطية, لنُصبح دولة ظلامية بأبشع صورها كالدول التتارية والمغولية والفايكنج الإسكندنافية.